حكاية الحمار و الثور مع صاحب الزرع
يحكى أنه كان لأحد التجار أموال ومواش وكان له زوجة وأولاد وأعطاه الله تعالى معرفة ألسن الحيوانات والطير وكان مسكن ذلك التاجر الريف ، وكان عنده في داره حمار وثور فأتى يومًا الثور إلى مكان الحمار فوجده منكوسًا مرشوشًا وفي علفه شعيرا مغربلا وتبنا مغربلا وهو راقد مستريح لا يعمل إلا في بعض الأوقات إذا ركبه صاحبه لحاجة تعرض له ويرجع على حاله ، وفي أحد الأيام سمع التاجر الثور وهو يقول للحمار: هنيئًا لك ذلك أنا تعبان وأنت مستريح تأكل الشعير مغربلًا وفي بعض الأوقات يركبك صاحبك ويرجع وأنا دائمًا للحرث. فقال له الحمار: إذا خرجت إلى الغيط ووضعوا على رقبتك الناف فارقد ولا تقم ولو ضربوك فإن قمت فارقد ثانيًا فإذا رجعوا بك ووضعوا لك الفول فلا تأكله كأنك ضعيف وامتنع عن الأكل والشرب يومًا أو يومين أو ثلاثة فإنك تستريح من التعب والجهد ، وكان التاجر يسمع كلامهما فلما جاء السواق إلى الثور بعلفه أكل منه شيئًا يسيرًا فأصبح السواق يأخذ الثور إلى الحرث فوجده ضعيفًا فقال له التاجر: خذ الحمار وحرثه مكانه اليوم كله ، فلما رجع آخر النهار شكره الثور على إيثاره حين أراحه من التعب في ذلك اليوم فلم يرد عليه الحمار جوابًا وندم أشد الندامة فلما رجع كان ثاني يوم جاء المزارع وأخذ الحمار وحرثه إلى آخر النهار فلم يرجع إلا مسلوخ الرقبة شديد الضعف فتأمله الثور وشكره ومجده فقال له الحمار: أعلم أني لك ناصح وقد سمعت صاحبنا يقول: إن لم يقم الثور من موضعه فأعطوه للجزار ليذبحه ويعمل جلده قطعًا وأنا خائف عليك ونصحتك والسلام. فلما سمع الثور كلام الحمار شكره فقام الثور و أكل علفه و أتمه حتى أنه لحس المذود بلسانه و في نفس الوقت سمع صاحبهما كلامهما. لما طلع النهار وخرج التاجر وزوجه إلى دار البقر وجلسا فجاء السواق وأخذ الثور وخرج فلما رأى الثور صاحبه حرك ذنبه فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه، فقالت زوجته: من أي شيء تضحك؟ فقال لها: شيء رأيته وسمعته ولا أقدر أن أبيح به فأموت، فقالت: لا بد أن تخبرني بذلك وما سبب ضحكك ولو كنت تموت فأنت تكثر الضحك علي، فقال: ما أقدر أن أبوح به خوفًا من الموت. ثم أنها لم تزل تلح عليه وتلح في الكلام إلى أن غلبت عليه فتحير وأحضر أولاده ومعهم القاضي والشهود وأراد أن يوصي ثم يبوح لها بالسر ويموت لأنه كان يحبها محبة عظيمة فهي ابنة عمه وأم أولاده ، ثم قام بإحضار أهلها و أهله و جيرانه ، وقال لهم أنه متى قال لأحد على سره مات ، فقال لها جميع الناس ممن حضر: بالله عليك اتركي هذا الأمر لئلا يموت زوجك أبو أولادك ، فقالت: لا أرجع عنه حتى يقول لي وليمت. فسكتوا عنها. فقام التاجر من عندهم وتوجه إلى دار الدواب ليتوضأ ثم يرجع ليقول لهم ويموت ، وكان عنده ديك تحته خمسون دجاجة وكان عنده كلب فسمع التاجر الكلب وهو ينادي الديك ويسبه ويقول له: أنت فرحان وصاحبنا سيموت فقال الديك: وكيف ذلك الأمر فأعاد الكلب عليه القصة فقال له الديك: والله إن صاحبنا قليل العقل. أنا لي خمسون زوجة أما هو فله زوجة واحدة ولا يعرف صلاح أمره معها فما له لا يقوم بضربها حتى ترجع عن إصرارها ولا تسأله عن شيء مجددا ، فلما سمع التاجر كلام الديك وهو يخاطب الكلب رجع إلى عقله وعزم على ضربها فدخل عليها الحجرة بعدما أتى بعيدان التوت وخبأها داخل الحجرة وقال لها: تعالي داخل الحجرة حتى أقول لك ولا يشاهدني أحد ثم أموت ، فدخلت معه ثم أنه قفل باب الحجرة عليهما ونزل عليها بالضرب فقالت : تبت ... ثم أنها قبلت يديه ورجليه وتابت وخرجت وإياه وفرح الجماعة وأهلها وقعدوا في أسر الأحوال إلى الممات
يحكى أنه كان لأحد التجار أموال ومواش وكان له زوجة وأولاد وأعطاه الله تعالى معرفة ألسن الحيوانات والطير وكان مسكن ذلك التاجر الريف ، وكان عنده في داره حمار وثور فأتى يومًا الثور إلى مكان الحمار فوجده منكوسًا مرشوشًا وفي علفه شعيرا مغربلا وتبنا مغربلا وهو راقد مستريح لا يعمل إلا في بعض الأوقات إذا ركبه صاحبه لحاجة تعرض له ويرجع على حاله ، وفي أحد الأيام سمع التاجر الثور وهو يقول للحمار: هنيئًا لك ذلك أنا تعبان وأنت مستريح تأكل الشعير مغربلًا وفي بعض الأوقات يركبك صاحبك ويرجع وأنا دائمًا للحرث. فقال له الحمار: إذا خرجت إلى الغيط ووضعوا على رقبتك الناف فارقد ولا تقم ولو ضربوك فإن قمت فارقد ثانيًا فإذا رجعوا بك ووضعوا لك الفول فلا تأكله كأنك ضعيف وامتنع عن الأكل والشرب يومًا أو يومين أو ثلاثة فإنك تستريح من التعب والجهد ، وكان التاجر يسمع كلامهما فلما جاء السواق إلى الثور بعلفه أكل منه شيئًا يسيرًا فأصبح السواق يأخذ الثور إلى الحرث فوجده ضعيفًا فقال له التاجر: خذ الحمار وحرثه مكانه اليوم كله ، فلما رجع آخر النهار شكره الثور على إيثاره حين أراحه من التعب في ذلك اليوم فلم يرد عليه الحمار جوابًا وندم أشد الندامة فلما رجع كان ثاني يوم جاء المزارع وأخذ الحمار وحرثه إلى آخر النهار فلم يرجع إلا مسلوخ الرقبة شديد الضعف فتأمله الثور وشكره ومجده فقال له الحمار: أعلم أني لك ناصح وقد سمعت صاحبنا يقول: إن لم يقم الثور من موضعه فأعطوه للجزار ليذبحه ويعمل جلده قطعًا وأنا خائف عليك ونصحتك والسلام. فلما سمع الثور كلام الحمار شكره فقام الثور و أكل علفه و أتمه حتى أنه لحس المذود بلسانه و في نفس الوقت سمع صاحبهما كلامهما. لما طلع النهار وخرج التاجر وزوجه إلى دار البقر وجلسا فجاء السواق وأخذ الثور وخرج فلما رأى الثور صاحبه حرك ذنبه فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه، فقالت زوجته: من أي شيء تضحك؟ فقال لها: شيء رأيته وسمعته ولا أقدر أن أبيح به فأموت، فقالت: لا بد أن تخبرني بذلك وما سبب ضحكك ولو كنت تموت فأنت تكثر الضحك علي، فقال: ما أقدر أن أبوح به خوفًا من الموت. ثم أنها لم تزل تلح عليه وتلح في الكلام إلى أن غلبت عليه فتحير وأحضر أولاده ومعهم القاضي والشهود وأراد أن يوصي ثم يبوح لها بالسر ويموت لأنه كان يحبها محبة عظيمة فهي ابنة عمه وأم أولاده ، ثم قام بإحضار أهلها و أهله و جيرانه ، وقال لهم أنه متى قال لأحد على سره مات ، فقال لها جميع الناس ممن حضر: بالله عليك اتركي هذا الأمر لئلا يموت زوجك أبو أولادك ، فقالت: لا أرجع عنه حتى يقول لي وليمت. فسكتوا عنها. فقام التاجر من عندهم وتوجه إلى دار الدواب ليتوضأ ثم يرجع ليقول لهم ويموت ، وكان عنده ديك تحته خمسون دجاجة وكان عنده كلب فسمع التاجر الكلب وهو ينادي الديك ويسبه ويقول له: أنت فرحان وصاحبنا سيموت فقال الديك: وكيف ذلك الأمر فأعاد الكلب عليه القصة فقال له الديك: والله إن صاحبنا قليل العقل. أنا لي خمسون زوجة أما هو فله زوجة واحدة ولا يعرف صلاح أمره معها فما له لا يقوم بضربها حتى ترجع عن إصرارها ولا تسأله عن شيء مجددا ، فلما سمع التاجر كلام الديك وهو يخاطب الكلب رجع إلى عقله وعزم على ضربها فدخل عليها الحجرة بعدما أتى بعيدان التوت وخبأها داخل الحجرة وقال لها: تعالي داخل الحجرة حتى أقول لك ولا يشاهدني أحد ثم أموت ، فدخلت معه ثم أنه قفل باب الحجرة عليهما ونزل عليها بالضرب فقالت : تبت ... ثم أنها قبلت يديه ورجليه وتابت وخرجت وإياه وفرح الجماعة وأهلها وقعدوا في أسر الأحوال إلى الممات